سورة النساء - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان كردم بن يزيد حليف كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبحري بن عمرو، وحيي بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالاً من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون. فأنزل الله فيهم {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} إلى قوله: {وكان الله بهم عليماً}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {الذين يبخلون} قال: هي في أهل الكتاب، يقول: يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي في الآية قال: هم اليهود، بخلوا بما عندهم من العلم، وكتموا ذلك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {الذين يبخلون...} الآية. قال: نزلت في يهود.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {الذين يبخلون..} الآية. قال: هؤلاء يهود يبخلون بما آتاهم الله من الرزق، ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب إذا سئلوا عن الشيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم، وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئاً، فعيرهم الله بذلك فأنزل الله: {الذين يبخلون...} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} قال: هذا في العلم ليس للدنيا منه شيء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هم أعداء الله أهل الكتاب، بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمداً وهم {يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} [ الأعراف: 157].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن طاوس قال: البخل: أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشح. أن يشح على ما في أيدي الناس، يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن عبيد. أنه قرأ {ويأمرون الناس بالبخل}.
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن يعمر، أنه قرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار. أن ابن الزبير كان يقرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس} قال: نزلت في اليهود.


{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال: رأس نملة حمراء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {مثقال ذرة} قال: نملة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ {إن الله لا يظلم مثقال نملة}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال: وزن ذرة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية في الأعراب، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. فقال رجل: وما للمهاجرين؟ قال: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة. أنه تلا هذه الآية فقال: لأن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إليَّ من الدنيا وما فيها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم وابن جرير عن أنس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري. أي النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان» قال أبو سعيد: فمن شك فليقرأ {إن الله لا يظلم مثقال ذرة}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: «يؤتى بالعبد يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين: هذا فلان بن فلان، من كان له حق فليأت إلى حقه. فيفرح والله المرء أن يدور له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذه منه وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} [ المؤمنون: 101] فيقال له: ائت هؤلاء حقوقهم. فيقول: أي رب ومن أين وقد ذهبت الدنيا؟ فيقول الله لملائكته: انظروا أعماله الصالحة وأعطوهم منها. فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة: يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة. فيقول للملائكة: ضعفوها لعبدي، وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة، ومصداق ذلك في كتاب الله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} أي الجنة يعطيها.
وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة: إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون كثير. فيقول الله: ضعوا عليه من أوزارهم واكتبوا له كتاباً إلى النار».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وإن تك حسنة} وزن ذرة زادت على سيئاته {يضاعفها}، فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبداً.
واخرج ابن المنذر عن أبي رجاء أنه قرأ: {وإن تك حسنة يضعفها}بتثقيل العين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال: بلغني عن أبي هريرة أنه قال: إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة. فأتيته فسألته...؟ قال: نعم. وألفي ألف حسنة، وفي القرآن من ذلك {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} فمن يدري ما ذلك الإضعاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي عثمان النهدي قال: لقيت أبا هريرة فقلت له: بلغني أنك تقول أن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة {ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} قال: الجنة.


{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)}
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ عليَّ قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: نعم. إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} فقال: حسبك الآن.. فإذا عيناه تذرفان».
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن حريث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: «اقرأ. قال: أقرأ وعليك أنزل؟! قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. فافتتح سورة النساء حتى بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد...} الآية. فاستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكف عبد الله».
وأخرج ابن أبي حاتم والبغوي في معجمه والطبراني بسند حسن عن محمد بن فضالة الأنصاري- وكان ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في بني ظفر ومعه ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وناس من أصحابه، فأمر قارئاً فقرأ، فأتى على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} فبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه، وقال: «يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره؟».
وأخرج الطبراني عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال: رسولها يشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم {وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شهيداً عليهم ما دمت فيهم فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم» والله تعالى أعلم.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14